فقالا: تركنا لهم فضلاً.
فأقرَّ ذلك عمر بحضرة الصحابة، فثبتت حجته من جهة ما هو إجماع، ومن جهة أنَّ الخلفاء بعده لم يغيروه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي"، وقد مضى حكم الخلفاء الراشدين بذلك، فأوجب ذلك صحته.
ومن جهة قوله صلى الله عليه وسلم: "ويعقد عليهم أولهم".
ويدل على صحة فعل عمر ذلك في السواد: ما روى سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "منعت العراق قفيزها ودرهمها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، وعدتم كما بدأتم".
فأخبر عليه الصلاة والسلام عن مجيء الزمان الذي يمنع الناس فيه حقوق الله الواجبة، وأخبر أنَّ الحق الممنوع من أهل العراق الدرهم والقفيز، ألا ترى إلى قوله: "وعدتم كما بدأتم"، فثبت وجوب الدرهم والقفيز، اللذين وضعهما عمر على أرض السواد، فإنه كان حقًا وصوابًا، وإذا ثبت ذلك في الدرهم والقفيز، ثبت أيضًا في وضعه