قال أحمد: وقد تقدم ذكر ما يجوز فيه التفريق بين الشيئين، وبين ما لا يجوز في كتاب البيوع.
مسألة: [إقامة الحدود في دار الحرب]
قال أبو جعفر: (ولا تقام الحدود في دار الحرب).
قال أحمد: قال محمد بن الحسن: إذا أتى ما يوجب الحد في دار الحرب في عسكر الخليفة، أو عسكر أمير قد كان يقيم الحدود في دار الإسلام، فإن هذا يقيم الحدود في عسكره، كما كان يقيمها في بلاده، وإذا كان ممن لا يقيم الحدود في دار الإسلام في عمله، مثل أمير السرية ونحوها: فإنه لا يقيم الحد.
والأصل في ذلك عندهم: أن الحدود تتعلق إقامتها بالإمام، أو بمن يقوم مقامه فيها، وليس للإمام يد في دار الحرب، ولا تجري فيها أحكامه، فإذا أتى الرجل في دار الحرب ما يوجب الحد، لم يقمه عليه الإمام بعد خروجه إلى دار الإسلام، لأنه لما لم يكن له يد في حال وجوبه في موضع الفعل، لم يصح إقامته من جهته، فلم يجب الحد في تلك الحال، وإذا لم يجب في حال الفعل، لم يجب بالخروج إلى دار الإسلام، لأن الخروج إلى دار الإسلام ليس هو سببا موجبا للحد.
وأيضا: لما لم يبطل النبي صلى الله عليه وسلم ما كان من عقود الربا بعد الفتح، مما قد حصل فيها القبض، دل ذلك على أن ما وقع في دار