يطرح العنب في الخابية، ويترك حتى ينش ويغلي، ثم يعصره فيكون ما يعصره خمرًا على الحقيقة.
وعلى أنه لو أراد العصير الذي ليس بخمر، لم يمتنع؛ لقيام الدلالة على أنه أطلق اللفظ به مجازًا، وليس يجب إذا صرفنا لفظًا عن حقيقته إلى المجاز بدلالة: أن نفعل ذلك في سائر ألفاظ الحقائق بلا دلالة.
فإن قيل: قول عبد الله رضي الله عنه: "تميرات ألقيتها في الماء": يدل على أنه كان نيئًا غير مطبوخ، فلو كان قد صار إلى حال الاستحالة إلى النبيذ لكان محرمًا؛ لأن نقيع التمر عندكم محرم لا يجوز شربه، ولا الوضوء به، فإذا لم يجز الوضوء بنفس ما ورد فيه الأثر: فغيره أبعد من ذلك.
قيل له: لما قال: "معي نبيذ التمر"، وهذا الاسم يتناول النيء والمطبوخ منه، ولم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك: أفادنا ذلك جواز الوضوء بالجميع، فإذا قامت الدلالة على تحريم النيء منه، كانت دلالة الخبر باقية في إباحة الوضوء بالمطبوخ.
وقوله: "تميرات ألقيتها في الماء": لا يدل على أنه كان غير مطبوخ