رحمه الله تعالى، فإنه زعم أن مكة فتحت صلحا، من غير خبر رواه فيه، ولا حكاية عن أحد من السلف فيما ادعاه.
ولئن لم يوجب مثل هذا الخبر العلم الحقيقي، لم يكن لنا سبيل إلى إثبات شرع من الشرع من جهة خبر التواتر، ولئن لم يثبت خبر التواتر، فخبر الواحد أحرى أن لا يثبت، وهذا يؤدي إلى بطلان الأخبار رأسا، والانسلاخ من الدين بواحدة.
*ومما يدل على بطلان دعواه الصلح من جهة النظر: أنه لو كان فتحها صلحا، لوجب أن يرد النقل به متواترا، لكثرة من حضره من الناس، ولحاجة الجميع إلى معرفته من الفريقين جميعا، من أهل مكة، ومن عسكر النبي صلى الله عليه وسلم، لما في الصلح من حقن الدماء، وحظر الأموال، فكانت حاجة الفريقين ماسة إلى معرفته، فكيف يجوز أن يخفى مثله ولم يعلموه؟ ولو علموه لنقلوه.
وقد علمنا أن صلح الحديبية كان أيسر أمرا من فتح مكة، وقد ورد به النقل متواترا؛ لأن مثل ذلك بحضرة تلك الجماعة لا يجوز خفاؤه، ولا