كما ذكر الله تعالى:} وإذا لقوا الذين امنوا قالوا أمنا {الآية.

وهؤلاء مع إظهارهم التوحيد، يظهرون نقضه بقولهم: إن له باطنًا غير الظاهر المعقول منه.

والذي عندي من مذهب أبي حنيفة: أن هذه الفرقة- أعني القرامطة، المتسمية بالباطنية- لا تقبل منهم التوبة بعد أن وقف على اعتقاد الواحد منهم، وأنه مباٍح الدم بذلك؛ لأن أبا حنيفة قد كان قال في الساحر: إنه لا يستناب، واعتل في ذلك بأنه جمع إلى الكفر السعي في الأرض بالفساد، وفساد هذه الطائفة في الأرض على الملة والنفوس أعظم من فساد الساحر.

وإنما لم يتكلم أصحابنا في حكم هذه الطائفة وغيرهم من الملحدين؛ لأنهم لم يكونوا حدثوا في ذلك الزمان، وإنما حدثوا بعدهم، فأردنا أن نبين حكمهم، لكي إن اتفق في مستقبل الزمان إمام للمسلمين يغضب لدين الله تعالى، أن يتلاعب به الملحدون، أو يسعوا في إطفاء نوره: أجرى عليهم حكم الله وإن كان وجود ذلك بعيدًا في عصرنا، والله تعالى ولي دينه، وناصر شريعته.

* وفي حديث علي رضي الله عنه وغيره: "ولا تقتلوا وليدًا، ولا طفلًا، ولا امرأة، ولا شيخًا كبيرًا":

وكذلك قال أصحابنا، فأما الشيخ الكبير إذا كان ذا رأي، فإنه يقتل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015