فإن قيل: لو كان حكم لهم بالإسلام لمر لهم بجميع العقل.
قيل له: لم يسقط نصف العقل لأجل أنه لم يحكم بحكم الإسلام، وإنما أسقطه- والله أعلم- لأنه لم يثبت عنده أن قتلهم كان في دار الحرب أو في دار الإسلام.
وجائز أن يكون ذلك في موضع يجوز أن يكون من دار الحرب، ويجوز أن يكون من دار الإسلام، فإن كان في دار الحرب لم يجب شيء وإن كان مسلمًا، ولأجله قال علي الصلاة والسلام: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، وإن كان في دار الإسلام: وجب جميع العقل، فلما وجب في حٍال الجميع، ولم يجب في حٍال أخرى: أوجب النصف.
وهذا أصل عندنا في اعتبار الأحوال، على حسب ما يقوله أصحابنا في مسائلهم.
فإن قيل: فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر في خبر علي رضي الله عنه أن يدعو إلى ثلاثة أشياء: التوحيد، والنبوة، والإقرار بما جاء من عند الله.
قيل له: كذلك نقول، ندعوهم إلى جميع ذلك، إلا أنهم إذا أظهروا قبول أحد هذه الأشياء، فالظاهر أنهم قابلون لجميعها، ما لم ينكروا شيئًا منها مما دعوا إليه، استلالًا بسائر الآثار التي ذكرنا.
[عدم الحكم بإسلام اليهود والنصارى لو نطقوا بالشهادتين]
* قال محمد بن الحسن رحمه الله: وأما اليهود والنصارى الذين