ولذلك قالوا أيضًا: إذا لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوها إلى دار الإسلام: شركوهم فيها.
والدليل على أن حقهم لا يثبت في الغنيمة إلا بالحيازة والإحراز: أن الموضع الذي حصلوا فيه من دار الحرب لا يصير من دار الإسلام بحصول الجيش فيه، ولو ثبت حقهم فيه دون الحيازة، لصار من دار الإسلام، ولو كان كذلك: كان يجب أن تكون أحكام تلك البقعة حكم دار الإسلام، حتى تنقطع العصمة بين من حصل هناك وبين أهل الحرب في عتق العبيد إذا خرجوا، فحصلوا في ذلك الموضع، ووقوع الفرقة بين المهاجرة المسلمة إذا حصلت هناك وبين زوجها.
وكان ينبغي أن يكون لو لحقهم جيش قبل أن يظهروا على دار الحرب أن لا يشاركهم في البقعة التي كان الجيش الأول اجتازوا بها، ووطؤوها، ولا خلاف أن جيشًا لو لحقهم، ثم ظهروا على دار الحرب جميعًا: أن الأول والثاني شركاء في جميع الدار، فدل أن حق الأولين لم يثبت فيها بظهورهم عليها دون حيازتها وإحرازها، وكذلك الأموال.
فإن قيل: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قسم غنائم بني المصطلق قبل رجوعه إلى المدينة".
قيل له: قسمها بعد ما صار الموضع من دار الإسلام، ولم يقسمها قبل ذلك، ونحن كذلك نقول: إذا صارت الدار دار الإسلام، لظهور المسلمين عليها، وحيازتهم لها: قسم فيها الغنائم.