مغصوبة: فإن فعلتموه: جاز لكم أكلها، ألا ترى أنه منهي عن أن يجعل عصير غيره خلاً، ولو فعل ذلك كان خلاً مباحًا.

فإن قيل: فما وجه النهي عن تخليله؟

قيل له: على وجه التغليظ، لتحريم الخمر، ولقطع عادتهم التي كانت لهم في الانتفاع، كما أمر عليه الصلاة والسلام بشق الراوية.

وكسر أبو طلحة والأنصار معه الأواني، ولم يكن شق الراوية واجبًا، ولا كسر الأواني، لكن على جهة تغليظ حكم التحريم في تلك الحال.

فإن قيل: لما كان منهيًا عن الانتفاع بالخمر، وكان في تخليلها ضرب من الانتفاع، وجب أن يكون ممنوعًا منه.

قيل له: ليس في التخليل شيء من الانتفاع بالخمر، وإنما يقع بعد ذلك الانتفاع بالخل، والخل ليس بخمر، ألا ترى أنه يجوز له أن يدبغ جلد الميتة، فيصل إلى الانتفاع به بعد الدباغ، وليس ذلك انتفاعًا بالميتة، إذ كان ذلك الدباغ يخرجه من أن يكون ميتة، كذلك لما كان التخليل يخرجه من أن يكون خمرًا، لم يمتنع جواز الانتفاع به.

وجواز دباغ جلد الميتة، والتوصل إلى جهة استباحة الانتفاع به يجوز أن يكون أصلاً لإباحة تخليل الخمر؛ لأن الدباغ لما ذكاه، أخرجه من حكم الميتة، وكذلك التخليل يخرجه من إن يكون خمرًا، فجاز له التوصل إلى ذلك بالتخليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015