فهذا الخبر لأن يكون لنا أولى من أن يكون علينا.
* ووجه آخر: وهو أنه لو صح أنه أراد تحريم القليل مما لم يسكر إذا كان مما يسكر كثيره، كان المعنى فيه: أنه متى قصد عند ابتداء شربه إلى بلوغ حد السكر: فكله عليه حرام؛ لأنه قصد بالشرب معصية، وأرادها بالشرب كله، كما أنه إذا نوى بمشيه أن يمشي إلى سرقة، أو إلى زنى: كان مشيه ذلك معصية، كذلك إذا شرب وهو يريد بذلك أن يشرب حتى يسكر: كان القليل محرمًا.
وقد حدثنا ابن قانع قال: حدثنا محمود بن محمد قال: حدثنا رحموية قال: حدثنا سوار بن مصعب عن المفضل عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب شرابًا ينوي فيه السكر، فقد عصى الله ورسوله".
* ووجه آخر: وهو أن الشراب إذا كان عنه السكر، فكله عامل فيه، وعن جميعه وقع، فصار جميعه مؤثرًا فيه، كما أن الجراح الكثيرة إذا قتلت، كان جميعها موجبًا للقتل، وكجماعة جرحوا رجلاً، وكل واحدة من الجراحات لو انفردت لم توجب الموت، ثم إذا اجتمعت فقتلت، كان القتل حادثًا عن جميعها، وكذلك حال السكر، وعلى هذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "ما أسكر الفرق منه، فالجرعة منه حرام"، إذ كان جميعه مؤثرًا في إيجاب السكر، وعلى الوجه الآخر، إذا قصد بها السكر.