هو قول محمد وحده.
وجه قول أبي حنيفة وأبي يوسف: أن هذه الشهادة حكمها مراعي، ما لم يستوف الحد بها، ألا ترى أن الشهود هم الذين يبدؤون بالرجم امتحانًا لهم، وليعلم أنهم ثابتون على الشهادة أم لا.
ويدل عليه: اتفاق الجميع على سقوط الحد عن المشهود عليه برجوع الراجع منهم، فوجب أن يكون حالها بعد قضاء الحكم بها قبل استيفاء الحد، كهي قبله.
وليست هذه كرجوع الشاهد بعد إمضاء الحكم بشهادته في إثبات الأموال وسائر الحقوق، في أنه لا تأثير لرجوعه إلا في إيجاب الضمان عليه؛ لأن رجوعهم قبل استيفاء المال لا يؤثر في الحكم الذي أمضاه الحاكم، ورجوعهم في الحد قبل استيفائه يبطله.
وأيضًا: فلما كانت الشبهة العارضة في الحد قبل استيفائه، بمنزلة الشبهة الموجودة في حال الفعل في باب سقوط الحد، وجب أن يكون الرجوع عن الشهادة قبل استيفاء الحد، بمنزلة الرجوع عنها قبل الحكم.
*وذهب محمد إلى أنه لما لم يبطل المال برجوع الشاهد بعد الحكم، وبطل قبل الحكم، وجب مثله في الحد، فلا ينفسخ الحكم الواقع من الحاكم، والحد والمال وإن كانا مفترقين من جهة سقوط الحد بالرجوع بعد إمضاء الحكم، وامتناع سقوط المال، فإن اختلافهما إنما كان من جهة أن من شأن الحدود إسقاطها بالشبهة، فغير جائز إيجاب الحد على الشهود الباقين بالشبهة التي بها أسقطنا الحد عن المشهود عليه.