أما حد القذف فإن المطالبة به حق لآدمي، لما تناول من عرضه، فهو كسائر الحقوق الواجبة للآدميين، فيؤخذ به، لأنا لم نعطه الأمان على أن يتناول عرضنا، كما لم نعطه الأمان على تناول مالنا.
فإن قيل: المطالبة بحد السرقة حق لآدمي، ومع هذا لا يُقطع الحربي إذا سرق.
قيل له: ليس كما ظننت، لأن المسروق منه لا حق له في المطالبة بالقطع، وإنما حقه المطالبة بالمال، ألا ترى أنه لو رد المال قبل الخصومة، سقطت مطالبته، وأنه لو ثبتت السرقة عند الحاكم، ورد المال عليه، فغاب وترك المطالبة بالقطع: قطع.
وأما حد القذف فإن حق الآدمي فيه المطالبة بإقامته لا بشيء غيره، ألا ترى أنه لا يحد إلا بحضوره ومطالبته، وأنه لو غاب: لم يحد.
وأما حد الزنى، فهو حق الله تعالى، لا حق لآدمي فيه، وهو لم نعطه الأمان على أن نجري عليه أحكامنا، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يصير ذميًا داخلاً في أحكامنا، وذلك خلاف ما يقتضيه الأمان.
* وأما أبو يوسف، فإنه يقيم عليه حد الزنى، لقول الله تعالى:} وأن أحكم بينهم بما أنزل الله {قال: فلو أمكنني أن أتبعهم في ديارهم بأحكامنا فعلت.
مسألة: [الإقرار بالزنى بغائبة]
قال أبو جعفر: (ومن أقر أنه زنى بامرأة غائبة: فإنه يحد).