فعلق حكم الكفر والإيمان بإعراب اللسان، فتضمن هذا الخبر الحكم بإسلامه وكفره جميعًا عند ظهور ذلك منه.

فإن قيل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ".

قيل له: نستعمل الخبرين جميعًا، فنقول ذلك في سائر الحقوق سوى الدين، فأما حكم الدين فمعتبر بصحة إعرابه عن نفسه بالخبر الذي رويناه، ولو حملناه على ما قلت، سقطت فائدة خبرنا رأسًا، فيصير وجوده وعدمه سواء، وليس يجوز لنا أن نفعل ذلك في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم.

وأيضًا: روي "أن علي بن أبي طالب كان أول من أسلم، وكان صغيرًا"، ولولا أن إسلامه كان إسلامًا صحيحًا، لما نقوله وأضافوه إليه.

فإن قيل: إن علمًا رضي الله عنه لم يشرك بالله قط.

قيل له: صدقت إلا أنه عند بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لزمه تصديقه، فكان تصديقه تصديقًا صحيحًا، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرك بالله قط، ولزمه عندما أوحى إليه أن يصدق بنبوة نفسه.

وأيضًا: فإن لزوم التوحيد متعلق بالعقل، فكل من أمكنه المعرفة، فعليه النظر والوصول إليها، وليس ذلك يتعلق بالبلوغ ولا غيره، وإنما يتعلق بالبلوغ الأحكام الظاهرة، وما يلزم من طريق السمع مما ليس في العقل إيجابه؛ لأنه لو جاز أن يخلي الله أحدًا من تكليف المعرفة، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015