الذي به استحق القتل مع التبديل، هو الإقامة على الكفر، والمرأة لا تستحق القتل بالإقامة على الكفر بدءًا إذا كانت حربية، فكذلك بعد الردة؛ لأن تبديل الدين إنما يوجب القتل مع الإقامة التي انفردت بدءًا لاستحق بها القتل وإن لم يكن مبدلاً به لدينه، فأما من لم تكن لإقامته بدءًا تأثير في استحقاق القتل، فكذلك مع تبديله الدين.

ودليل آخر: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم"، فعلق عصمة الدم بإظهار التوحيد، فلما كانت المرأة محقونه الدم قبل الإسلام بغير إظهار التوحيد، وجب أن يكون كذلك حكمها بعد الإسلام إذا عادت إلى الكفر، إذ لم تحقن دمها بالإسلام، فيكون زواله موجبًا لقتلها.

وأما الرجل، فإنه لم يحقن دمه بدءًا إلا بالإسلام؛ لأنه كان مباح القتل قبل الإسلام، فلما حقن دمه بالإسلام، ثم ارتفع المعنى الذي من أجله حقن دمه، وهو الإسلام، عاد إلى حال الإباحة.

فإن قيل: هذا ينتقض عليكم بالشيخ القاني والرهبان، وأهل الصوامع والزمني، لأنك لا تقتلهم إذا كانوا حربيين، ونقتلهم إذا أسلموا ثم ارتدوا.

قيل له: أما الشيخ الفاني، فإنا نقتله إذا كان ذا رأي في الحرب، أو كان كامل العقل، ومثله نقتله إذا ارتد، وقد قتل ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015