ويدل على صحة ذلك: ما اتفق عليه الجميع، أن من اضطر إلى أكل مال غيره: كان له أكله لدفع الضرر عن نفسه، ومع ذلك يضمنه لصاحبه، لبقاء الحظر من جهته، ولم تكن إباحة الله تعالي إياه مزيلة لحكم الضمان، من أجل بقاء حق الآدمي في حظر أكله.
وقال أصحابنا في المحرم إذا ابتدأه السبع: إنه يقتله ولا شيء عليه؛ لأن حظر ذلك كان حقا لله تعالى لا غير، فلما زال الحظر من جهة من إليه الحظر، زال ذلك الضمان.
وقالوا فيمن شهر عليه عبد رجلٍ سلاحًا، فقتله المشهور عليه: أنه لا ضمان عليه.
والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن حظر قتله لم يتعلق بحق المولى، والدليل على ذلك: أنه لو أباحه له: لم يكن له قتله؛ لأن المولى لا يملك ذلك منه، فلا يجوز له أن يبيحه لغيره، فلما لم تصح الإباحة من جهته، لم يعتبر بقاء الحظر من جهته في إيجاب ضمانه إذا فعل العبد ما أباح به دمه، ألا ترى أن الحر إذا فعل مثل ذلك: أباح دمه، كذلك العبد.
والوجه الآخر: أن العبد ممن يملك إباحة دمه، ألا ترى أنه لو ارتد عن الإسلام: قتل، وكذلك لو قتل رجلاً عمدًا: قُتِل، فلما كان مالكًا لإباحة دمه من هذه الوجوه، كان كذلك في حمله على غيره بالسلاح.
فإن قال قائل: قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا يحل مال امرئ