دفع إلى ولي الجناية، واتبعه الدين، فيباع فيه).
قال أبو بكر أيده الله: الأصل في ذلك: أن الجناية تثبت في الرق، وتستحق بها الرقبة، والدين يثبت في الذمة، ويستحق به الثمن والكسب، ويبين لك الفصل بينهما: أن المولى لو أعتقه وفي رقبته جناية: بطلت الجناية من رقبته، ولم يلزمه منها شيء، وكانت على المولى؛ لأنها كانت ثابتة في الرق، وقد بطل الرق.
ولو كان عليه دين، فأعتقه المولى: كان الدين باقيًا عليه في ذمته، وذلك لأن الديون لا تستحق بها الرقاب في الأصول، وإنما تثبت في الذمم، وتستوفى من الاكتساب، والجنايات تستحق بها الرقاب على النحو الذي بيناه فيما سلف.
وإذا كان الأصل في الدين والجناية ما وصفنا، ثم اجتمع في عنقه دين وجناية قيل للمولى: ادفعه إلى ولي الجناية، فإذا دفعه: اتبعه الدين؛ لأن ولي الجناية لم يستحق إلا عبدًا معيبًا بالدين، فيتبعه الدين، ولو لم يتبعه الدين، لكان قد استحق عبدًا غير معيب بالدين.
وأيضًا: فلما لم يجز سقوط حق الغرماء رأسًا، إذ ليس ولي الجناية بأولى بالعبد من الغريم، ولم يجز أن يقع بينهما مزاحمة في استحقاقه، لما وصفنا من أن الدين في الذمة، والجناية في الرقبة: وجب أن يكون ثبوت حق الغرماء غير مانع لولي الجناية من استحقاقه، ولا يكون حق ولي الجناية أيضًا مسقطًا للدين من ذمته، فوجب أن يباع فيه.