سقطت الجناية من رقبة العبد، وصار الأرش في ضمان المولى، فلا يعود بعد ذلك في الرقبة، وجاز أن يكون مختارًا للدية قبل وجوبها؛ لأنه اختارها بعد وجود السبب، كما يجوز عفوه عن النفس بعد وجود السبب، وهو الجراحة.
ووجه الاستحسان، وهو قول محمد في تخييره إياه خيارًا مستقبلاً هو أن العبد مما يمكن دفعه في الحال، وجائز أن يكون إنما اختار الأرش بدءًا؛ لأنه أقل من قيمة العبد، فلما صارت نفسًا، وكثر الأرش: لم يكن اختياره الأول اختيارًا للدية.
ولا يلزمه ما قال أبو يوسف، من سقوط الجناية من رقبة العبد بالاختيار الأول؛ لأن أمر الجنايات مراعى بما تؤول إليه، فيكون الحكم لنهاياتها، لا لابتدائها، فكذلك أمر الاختيار فيها مراعى بما تؤول إليه، وليس كذلك العتق؛ لأنه يمنع الدفع، ولا يلحقه الفسخ.
مسألة: [ضمان جناية العبد الجاني]
قال: (وإن قتل العبد الجاني عبدًا لرجلٍ، فدفع به: قيل للمولى: ادفعه أو افده؛ لأنه قام مقام الأول، فإن غرم قيمته دراهم، دفعها إلى ولي الجناية، ولم يقل له: افدها، ولا يكون مختارًا لو أنفق الدراهم؛ لأن الدراهم لا تفدى.
ولو قتله عبد آخر للمولى: قيل له: ادفع هذا العبد الثاني إلى ولي الجناية التي جناها العبد الأول، وافده منه بقيمة الأول).
وذلك لأن حق ولي الجناية كان متعلقًا برقبة الأول، فإذا قتله عبد آخر للمولى: قيل له: إن شئت أقمت الثاني مقام الأول فدفعته، وإن شئت فديته بقيمة الأول، فأقمت القيمة مقامه، كما لو قتله عبدً لأجنبي: قيل