لم يكن ثبوتها في الموضع الذي ثبت فيه العمد، ولم تستحق بها رقبته:
قيل له: من قبل أن رقبة الحر لا يجوز أن تستحق بالمال، فلذلك لم يثبت فيها الخطأ، ورقبة العبد يجوز استحقاقها بالمال، فلذلك ثبت الخطأ في الرقبة.
وقد قيل فيه: إنه لما كان من شأن جناية الخطأ أنها تلزم العاقلة، وكان عاقلة العبد مولاه، لأنه أولى الناس به وبنصرته: وجب أن يلزمه حكم جنايته، إما أن يفديه، أو يدفعه فيبرأ من ضمان الجناية، ويكون ذلك عليه حالاً، كما يستحق عليه دفع العبد حالاً، والمعنى الذي قدمناه أصح عندنا، وعليه كان يعتمد أبو الحسن رحمه الله.
* قال: (فإن اختار فداه بالدية: لزمته، فإن ثبت إعساره بعد ذلك، فإن أبا حنيفة قال: لا سبيل على العبد، والدية دين على المولى).
وذلك لأن المولى لما كان مخيرًا بين الدفع والفداء، كان له أن يسقط الجناية عن رقبة عبده، ويجعلها في ذمة نفسه، لولا ذلك لما كان للتخيير معنى، ألا ترى أنه لو أعتقه: نفذ عتقه، وثبتت الدية في ذمته.
* (وقال أبو يوسف: إذا لم يكن للمولي مال مقدار الدية وقت الاختيار، كان اختياره باطلاً، وكان حق ولي الجناية في رقبة العبد).
لأنه إنما جعل له إسقاط الجناية من رقبة العبد، على شريطة تسليم الدية إلى ولي الجناية بدلاً من الرقبة، ولا يجوز له أن ينقل الجناية عن الرقبة التي استحقها ولي الجناية حالة، إلى دية ثاوية في ذمته إذا كان