ووجه آخر: وهو أنه لما قيل في السن يستأني بها حولا، فجعل الحول نهاية لحصول حكم الضربة، علمنا أن حكمها متعلق بما يوجد في آخر الحول من أمر الضربة، لولا ذلك لم يكن للاستيناء بها معني، وأما الشجة فلم يقدر في انتظارها وقت، فيحصل فيه حكم الضربة، فكان القول قول الشاج في مقدار ما تناوله.
فإن قيل: هلا جعلت القول قول المشجوج، كما لو لم يزل مريضًا صاحب فراش حتى مات، كان محكومًا بحدوث الموت عن الجراحة.
قيل له: لا فصل بينهما من هذه الجهة؛ لأنه لو علم في الموضحة أنه لم يزل مريضًا من الموضحة، حتى صارت منقلة: كان القول قول المشجوج.
ونظير مسألتنا من المنقلة: أن تعلم الجراحة، ولا نعلم أنه كان مريضًا من ذلك، ثم مات المجروح: فالقول قول الجارح أنه لم يمت من جراحته.
فإن قيل: فاعتبر ذلك في السن أيضًا.
قيل له: المسألة في السن على أنها تحركت بالضربة، وكونها متحركة إلى أن سقطت أو اسودت، بمنزلة كون الرجل مريضًا من الجراحة حتى يموت.
فإن قيل: فعلى هذا لا معنى لتخصيصه السن بالاستحسان، وترك القياس فيها، إذ كان الحكم في جميع ذلك على وجه واحد.
قيل له: الاستحسان في السن أنه جعل تحركها بمنزلة المرض من الجراحة.