وهي تكتفي باختيار واحدة في إيقاع الثلاث؛ لأنها لو قالت: قد اخترت نفسي: لوقع الثلاث في قولهم جميعًا، وكان ذلك جوابًا لجميع الكلام.

وذلك لأن الجواب بالواحدة يجوز أن يحصل به اختيار الثلاث، بمنزلة الشرط الواحد، يجوز أن يحنث به في أيمان كثيرة.

ألا ترى أنه لو قال لها: أنت طالق إن شئت، أنت طالق إن شئت، أنت طالق إن شئت، فقالت: قد شئت: أنها تطلق ثلاثًا، ويكون قولها: قد شئت: جوابا عن جميع ما ملكت من مشيئة الطلاق.

وإذا صح هذا، قلنا في قوله: قد اخترت نفسي بالأولى التي ملكتها، يحتمل أن يكون راجعًا إلى الاختيار، ويحتمل أن يكون راجعًا إلى التطليقة الأولى، وكان صرفه إلى الاختيار أولى منه إلى التطليقة؛ لأن التخيير موجود في لفظ الزوج، والطلاق غير موجود فيه، وإنما يقع من جهة الحكم، فكان صرفه إلى ما اقتضاه لفظ الزوج من الاختيار أولى من صرفه إلى الطلاق.

ومن جهة أخرى: إنها لو قالت: قد اخترت نفسي: كان ذلك جوابا للتخييرات الثلاث، فإذا قالت: بالأولى، واحتمل أن يكون راجعًا إلى التطليقة الأولى، واحتمل الاختيار الأول: لم يغير حكم قولها: اخترت نفسي بالاحتمال، ولم يخرجه عن حد الجواب لجميع الكلام بالجواب، فوقعت الثلاث، وأقل أحواله حين احتمل الأمرين جميعًا، أن يسقط حكمه، ويبقى قولها: اخترت نفسي، فيقع به الثلاث.

* (وأبو يوسف ومحمد صرفاه إلى التطليقة).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015