مسألة: [طلب أحد المودعين نصيبه من الوديعة]
قال أبو جعفر:"ومن استودعه ثلاثة نفر ألف درهم، ثم جاء أحدهم يطلب حصته فيها، ولم يحضر صاحباه: لم يكن عليه أن يعطيه منها شيئا في قول أبي حنيفة".
قال أحمد: قد ذكر أبو الحسن رحمه الله في "المختصر" الدواب والثياب والعبيد على الخلاف بمنزلة الدراهم، وذلك لأن كل جزء منه بينهم فليس يخل وما يأخذه الحاضر من أن يكون نصيبه، فيتميز بالأخذ نصيبه من نصيب صاحبه، وتقع القسمة فيه، وأن يكون كل جزء مما يأخذه بينه وبين صاحبه على ما كان، فإن أوقعنا القسمة، كنا قد قسمناها على الغيب من غير حضور وكيل لهم في القسمة، ولا يجوز للمودع أن يقاسم عليهم؛ لأنه لم يوكل بالقسمة.
وإن كان ما يأخذه الحاضر بينهم على الشركة، فقد أعطاه نصيب الغائب بغير إذنه، وهذا لا يجوز.
* "وقال أبو يوسف ومحمد: يعطيه نصيبه"، على شريطة سلامة الباقي للغائبين، فإن حضرا، فأخذا نصيبهما، سلم للأول ما أخذه، وإن تلف الباقي قبل أن يقبضا حقهما: شاركا الأول فيما قبضه.
كدين بين ثلاثة رجال على رجل، فحضر أحدهم، فإنه يقضي له بنصيبه، فإن حضر الغائبان، فأخذا نصيبهما من الغريم: فذاك، وإلا: رجعا على القابض فشاركاه فيما قبض.
والانفصال لأبي حنيفة من مسألة الدين: أن ما يأخذه الحاضر من العين: فهو بينهما، وما يأخذه من الدين: فهو نصيبه خاصة، إلا أن لصاحبه فيه حق الشريك.