إلى غيره، فيقوم وصية في مال الصغير مقامه.
وليس الوصي في هذا كالوكيل، في أنه لا يجوز له أن يوكل غيره فيما وكل به، إلا أن يطلق له فيه؛ لأن تصرف الوكيل من طريق الآمر، لا من طريق الولاية، ألا ترى أن وكالته تبطل بانقطاع أمر الميت لموته.
ويدل على ما ذكرنا أيضًا من حال الوصي: أنه يتصرف على الصغير في سائر وجوه التجارات، وفي الكتابة، وما شابهها، فصارت الوصية إليه مقتضية لعموم التصرف من الميت، ومن وجه التصرف عليه: أن يوصي بما أوصى به إليه إلى غيره، ويقيمه في مقام نفسه، كما كان له أن يوكل بالتصرف على الصغير في حال حياته من شاء وإن لم ينص له عليه في لفظ الوصية إلى غيره.
وفارق الوكيل أيضًا من هذا الوجه؛ لأن الوكيل لا يوكل غيره، والوصي يجوز توكيله.
ويدل على اختلاف حكمهما في التصرف: أن لفظ الوكالة على الإطلاق لا يستحق به التصرف في العقود، ألا ترى أن من قال لرجل: وكلتك بمالي: كان وكيلاً في حفظ ماله، ولم يملك به البيع والشراء، أو سائر وجوه التصرف عليه.
ولو قال له: قد أوصيتُ إليك بعد موتي: جاز له التصرف فيه على العموم، فأشبه من هذا الوجه الإذن للعبد في التجارة، أنه لما صح بإطلاق اللفظ من غير ذكر وجوه التصرف، جاز له أن يأذن لعبده أيضًا في التجارة.
كذلك الوصي لما استفاد جواز التصرف بإطلاق لفظ الوصية، كان له أن يوصى إلى غيره.