قال أحمد: ذكر أبو جعفر الدراهم المرسلة، والمال المرسل كله مبنزلة الدراهم، مثل عشرة أثواب، وأربعين شاة، ونحو ذلك.
وفرق بين هذه الوصايا، وبين الوصية بجميع المال، وذلك لأن ما زاد على الثلث إلى النصف، أو الجميع، فهو نصيب الوارث، فلا تصح له المضاربة بها، وأما الوصية بالمال المرسل، فليست وصية بمال الوارث.
ألا ترى أن ذلك قد يجوز أن يخرج من الثلث، فلا يكون للوارث فيه حق، وكذلك يضرب برقبته في العتق في المرض، وفي الوصية بالعتق؛ لن حق الوارث ساقط عن الرقبة عن العتق، وصار إنما يضرب بقيمتها، والقيمة بمنزلة الدراهم المرسلة، فيضرب بها.
وكذلك المحاباة في البيع؛ لأنه وصية بالثمن، لأن الورثة لا حق لهم في أعيان التركة، إلا أنه لو ترك عبدًا عبدًا واحدًا، وأوصى ببيعه من فلان بمثل قيمته، جازت الوصية بالبيع وإن لم يكن للورثة أن يمنعوا منه، فلما لم يكن لهم في عين الرقبة الموصَى ببيعها حق، وكانت وصية صاحب المحاباة إنما هي بالثمن، صار بمنزلة الوصية بالدراهم المرسلة.
* (وفي قول أبي يوسف ومحمد: يضرب أصحاب الوصايا بوصاياهم