على وجه البدل عن الماء، فلا حكم له مع وجود النبيذ الذي هو مبقى على حكم الأصل، الذي هو الماء.
فإن قيل: فجوز الوضوء به مع وجود الماء إن كان الوضوء به مفعولاً على حكم الماء، الذي هو الأصل.
قيل له: لولا قيام الدلالة على امتناع جواز الوضوء به مع وجود الماء، لأجزنا الوضوء به، لكن الدلالة منعتنا.
ومما يدل على أن فرض الوضوء بالماء كان قائمًا في ذلك الوقت. غير منقول إلى البدل، أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من الماء للطهارة به، فلما أخبره بكون النبيذ معه، قال: "تمرة طيبة وماء طهور".
فأخبر أنه توضأ به على أنه الماء المفروض به الطهارة، لا على جهة البدل عنه.
* وأما دعواهم مخالفته للأصول من جهة اتفاق الفقهاء على امتناع جواز الوضوء بسائر المائعات التي لا يتناولها اسم الماء على الإطلاق. فإن ذلك على خلاف ما ظنوا؛ لأن خبر الوضوء بالنبيذ إنما يعترض على قياس الأصول التي ذكروها، ولم يعترض على الأصول نفسها، وقد بينا فيما سلف أن أخبار الآحاد إذا وردت من الجهات التي تقتضي قبولها والعمل بها - لو لم يعارضها القياس-، فهي إذا وردت معارضة للقياس كانت مقدمة عليه، وكان القياس متروكًا لها.