فيه: أنه نهى عنها إذا كانت الحال ما ذكر من الخصومة والقتال، ولا ينفي ذلك نهيه عنهما على الإطلاق بالأخبار الأخر.
فإن قال قائل: قد دفع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر إلى اليهود بشطر ما يخرج من ثمرة أو زرع، وقد نقل الناس نقلا متواترا عنه يوجب العلم والعمل، فهو أولى من الأخبار التي رويتها في النهي عن المزارعة والمخابرة، إذا كانت من أخبار الآحاد.
ولأن شرط النبي صلى الله عليه وسلم، وعهده معهم على ذلك، كان قائما إلى أن أجلاهم عمر بن الخطاب، وما كان هذا شرطه: فلا يجوز الاعتراض عليه بأخبار الآحاد، مع ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتواتر، واتفاق السلف على ثبوت حكمه أيام أبي بكر رضي الله عنه، وبعض أيام عمر رضي الله عنه.
[الجواب عن الاستدلال بقصة خيبر على جواز المزارعة:]
قيل له: لا يجوز أن يكون أمر خيبر أصلا لما اختلفا فيه من المزارعة بين المسلمين، وذلك لأن أهل خيبر كانوا فيئا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طهر عليهم عنوة، وقسم أموالهم، ثم عاقدهم النبي صلى الله عليه وسلم على العمل في النخل والزرع بنصف الخارج، فلم يخل ذلك من أحد وجهين:
إما أن بقاهم على حكم الفيء، فكانوا عبيدا للمسلمين، أو يكون جعلهم ذمة، وأقرهم على الأرضين.
فإن كانوا مبقين على حكم الفيء: فهم بمنزلة العبيد، ويجوز لمولاهم