وذلك لأن العارية تقتضي تمليك المنافع بغير بدل، فكان له أن يملكها غيره، كما أن للمستأجر تمليك المنافع غيره؛ لأن الإجازة أيضا تقتضي تمليك المنافع.
وليست العارية كالوديعة في أن المودع يضمنها إذا أودعها غيره؛ لأن الوديعة إنما هي أمر بإمساك، ولا يدخل تحتها إمساك غيره، والعارية تمليك المنافع، فهي بالإجازة التي هي تمليك المنافع أشبه.
*قال أبو جعفر: (فإن سمى له شيئا: لم يكن له أن يجاوزه إلى غيره، فإن تجاوزه إلى غيره: ضمن).
قال أحمد: هذا فيما يختلف استعماله من اللبس والركوب ونحوهما، فإذا استعار ليلبسه هو، فألبسه غيره: ضمن؛ لأن اللبس يختلف.
وكذلك الركوب، وهو فلم يرض بركوب غيره، ولبس غيره، فإذا خالف: ضمن.
وأما ما لا يختلف استعماله وغيره فيه: فإنه لا يضمن إذا أعاره غيره، وإن شرط له أن يستعمله هو، على حسب ما نقول في الإجارة.
مسألة: [أقسام العارية]
والعواري عندهم على ضربين: ضرب غير مضمون، وهو الذي يجوز أن تملك منافعه بعقد الإجارة، كلبس الثوب، وركوب الدابة.
والضرب الآخر منها مضمون، وهو ما لا يصح تمليك منافعه بعقد الإجارة، وتكون عاريتها قرضها، نحو الدراهم، والدنانير والفلوس، والموزونات، والمكيلات، التي لا يتوصل إلى الانتفاع بها إلا بأستهلاك