الثلث والثلث كثير".

فلما كان تصرفه في الثلثين في حال المرض بالهبة ونحوها كتصرف من تصرف في ملك غيره، لم يدل ذلك على الحجر؛ لأن امتناع جواز تصرف الإنسان في ملك الغير، لا يدل على الحجر.

ولهذه العلة قال أبو حنيفة في بيعه من وارثه في المرض بمثل القيمة: أنه لا يجوز؛ لأنه حين كان محجورا عليه في حق الوارث لما بينا، صار كالمجنون والصغير إذا باعا بمثل القيمة.

*ووجه آخر: وهو أنه لا يملك في المرض إيجاب حق للوارث فيما يملكه بقوله، وهو الهبة والوصية، كذلك الدين، إذا كان ثبوت جميعه متعلقا بقوله، وهو يملك إثبات الحق في ماله لأجنبي بقوله، لأنه لو وهب له مقدار الثلث من المال في مرضه جاز، فإذا أقر فيه بدين جاز إقراره فيه على الوجه الذي أقر به، واستحق الثلث بالدين، ثم ما بقى ينبغي أن يجوز إقراره في الثلث لهذه العلة أيضا، ثم كذلك أبدا حتى لا يبقى شيء من ماله إلا مستحقا بالدين، وبذلك فارق الوارث.

****

طور بواسطة نورين ميديا © 2015