مسألة: [الشركة بالمكيلات أو الموزونات]
قال أحمد: قال محمد: إذا جاء أحدهما بنوع من المكيل أو الموزون، وجاء الآخر بمثله في الكيل والصفة والجودة، فخلطاه: جازت الشركة فيما بينهما عند محمد، وأن يتفاضلا في الربح، كما يكون في الدراهم والدنانير.
وقال أبو يوسف في الإملاء: يكونان شريكين بالخلط، ولا يجوز أن يفضل أحدهما صاحبه في الريح.
فإن قال قائل: أجازة محمد الشركة بالخلط في الصنف الواحد من المكيل والموزون، ينقض علينا اعتلالنا له في امتناع جواز الشركة بالعروض؛ لأنه إذا قال: بع حنطتك هذه على ان يكون ثمنها بيني وبينك، لم يصح.
قيل له: لا يلزم، من قبل أن الحنطة قد تصح أن تكون ثمنا، وتصح الوكالة فيها على وجه.
ألا ترى انه لو قال: اشتر لي عبدا بكر حنطة في ذمتك، واقضه الكر الذي لك: جازت هذه الوكالة، وإذا قضاه رجع به على الآمر، فلما كانت الوكالة قد تصح فيها من وجه، صحت الشركة فيها إذا خلطاها، لأنهما قد شرطا أن يبيعا ويشتريا بها، فإذا خلطا لم يقع الشرى إلا بهما، فلذلك جازت بحصول شركتهما فيها، وجواز ثبوتها في الذمة ثمنا إذا اشترى بها.
وكان أبو الحسن يقول: كل ما لم يكن ثمنا للأشياء: لم تنعقد الشركة عليه إلا بالخلط، فإذا خلط ما يكال أو يوزن صحت الشركة؛ لأن كل جزء منه صار بينهما.