*وإنما جازت شركة المفاوضة؛ لأنها منتظمة لمعان، لو أفرد كل واحد منها، وعقد عليه: جاز، وهى الكفالة والوكالة في التصرف وفي الخصومة، والشركة، والمساواة في ذلك.
فإن قيل: لو قال رجل لرجل: من بايعت من الناس فأنا ضامن لذلك: لم يصح الضمان على هذا الوجه، فكيف تنعقد عليه المفاوضة؟.
وكذلك الوكيل بالخصومة، لا يصح إقراره عند غير القاضي، وقد أجزت إقرار أحد المتفاوضين على صاحبه عند غير قاض.
قيل له: قد يجوز أن يتعلق بعقد المفاوضة من هذه المعاني ما لو أفرده لم يصح.
ألا ترى أن المضاربة، تحتها وكالة بالبيع، وما يتعلق بالمضاربة من الوكالة لا يصح إفرادها؛ لأن المضارب يجوز له بيع ما يشريه، ولا يعمل نهي رب المال بعد الشرى، والوكالة المفردة من غير جهة المضاربة، يصح فيها النهي عن البيع بعد الشرى.
وكذلك لو دفع إلى رجل مالا مضاربة بالنصف جاز، وتعلقت بها الوكالة في الشرى والبيع.
ولو قال له: قد وكلتك. وسكت، لم ينتظم ذلك جواز البيع والشرى، فصار ما يتعلق باللفظ من طريق الحكم مخالفا لما تفرد به، ألا ترى أنه لا يجوز البيع على شرط خيار مجهول المدة، ولو باع عبدا، فاطلع المشتري على عيب، كان له خيار الرد بالعيب، وهو مجهول المدة.
وكذلك لو اشترى إبريق فضة بمائة دينار، وافترقا، ثم وجد به عيبا، كان له الخيار في الرد، ولم يبطل العقد لأجل ما له فيه من الخيار، ولم يكن ذلك بمنزلة خيار الشرط.