الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين، فترك دينا، فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته"، كذلك ذكر أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: فقد قال في حديث جابر هذا: إنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي قتادة: هما عليك، والميت منهما بريء.
قيل له: معناه أنه يبرأ بأدائك، كما روي في حديث عثمان بن موهب عن ابن أبي قتادة في هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هما عليك بالوفاء": يعنى توفيه إياهما.
ويدل على أن الميت لم يكن برئ منهما: أن صاحب الدين لم يكن حاضرا فيبرأ به.
ويدل على أنه لم يبرأ: حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس حين "تحمل النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة دنانير، فجاء الرجل بذهب من المعدن ليؤديه، فقال: لا حاجة لنا فيه، فقضى عنه".
ولو لم يكن الدين باقيا، لقال للرجل: ليس عليك، وقد برئت.
فإن قيل: كيف يجوز أن يكون مال واحد في ذمة اثنين؟
قيل له: لا يمتنع ذلك، ألا ترى أن رجلا لو مات، وترك ابنين وألفي درهم، فأخذ كل واحد منهما ألف درهم، واستهلكه، ثم أقام رجل البينة