فإن قيل: لو كان كذلك، كان لا يكون له أن يخاصمه في طرحه؛ لأنه في حقه.
قيل له: لأن البناء يبقى على الأيام، فيبطل حق الآخرين في الانتفاع، وهو يفارق أيضا ربط الدابة من هذا الوجه.
*قال أحمد: ومن شيوخنا من كان يقول في جواب محمد في هذه المسألة إن معناه: أن المخاصم هو الذي أخذ الدراهم على طرحها، كأن الباني استأجره عليه، وذلك جائز، كما لو استأجره غيره.
مسألة: [حكم مصالحة المدين الدائن على دينه الآجل ببعضه حالا]
قال أبو جعفر: (وإذا كان لرجل على رجل مال إلى أجل، فصالحه على أن يعطيه بعضه حالا، وعلى أنه بريء مما بقي: فإن ذلك لا يجوز).
قال أحمد: الأصل في هذه المسألة ونظائرها: أن ينظر إلى ما وقع عليه الصلح، فإن كان مما استحقه بعقد المداينة فهذا جائز، وما بقي فهو مبرأ منه.
وإن كان مما لا يستحقه بعقد المداينة، فهذا عقد مستأنف بينهما، فيحمل على نظائره من العقود في صحته وفساده.
فقلنا على هذا في مسألتنا: إن الخمس مائة المأخوذة في الحال، لم يستحقها بعقد المداينة، وإنما أراد أن يستحقها بعقد الصلح، وذلك عقد مستقل، فيه بيه الألف التي استحقها بعقد المداينة، بخمس مائة، عقد عليها عقد الصلح، فلم يجز ذلك؛ لأنه بيع ألف بخمس مائة.
وعلى هذا قالوا: لو كان عليه ألف سود، فصالحه منها على خمس مائة بيض، أنه لا يجوز، لأن البيض غير مستحقة بعقد المداينة، وإنما يريد استحقاقها بعقد الصلح، فصار كثرى خمس مائة بيض، بألف سود.