عدم كل جزء من الماء، ولا يقتضي إباحته عند وجود شيء منه.
لأن قوله: {فلم تجدوا ماء {: اقتضى ماء منكورا، وذلك بتناول كل جزء من الماء على حياله، سواء كان منفردًا بنفسه أو مخالطًا لغيره.
وقد يصح أن يقال: إن في نبيذ التمر، وإن كان أجزاء التمر هي الغالبة عليه.
كما أن ماء لو وقعت فيه نجاسة يسيرة: جاز أن يقال: إن في هذا الماء نجاسة، وكما أن لبنًا لو صب فيه ماء يسير، جاز أن يقال: إن فيه ماء، وإذا كان غير ممتنع أن يقال: في نبيذ التمر ماء، كان من مقتضى الآية حظر التيمم معه.
وعلى أن المائية التي في النبيذ إنما هي من الماء دون التمر، لأن التمر ليس بمائع، وهذه المائية غير موجودة فيه.
فالمعترض على الآية، وعلى الخبر المروي في جواز الوضوء بالنبيذ، مؤكد لصحة قولنا، ومن هذه الجهة قلنا: إن دلالة فحوى الآية تقتضي جواز الوضوء بالنبيذ، لما ذكرنا من أن الماء الذي أبيح التيمم عند عدمه: ماء منكور، وأن وجود جزء منه يمنع التيمم، فلو اكتفينا بدلالة الآية على صحة ما قلنا، لكان فيه غنى.
فإن قيل: فيلزمك على هذا جواز الوضوء بسائر الأنبذة، بل بسائر المائعات التي فيها شيء من أجزاء الماء.
قيل له: إنما يلزمنا ذلك لو لم نقم الدلالة عليه؛ لأن كلامنا في ذلك