يجوز، مع وجود العين التي جعلتها صفة لما في الذمة؟ فكيف يجوز ابتداؤه على ما في الذمة، من غير ضبط الصفة؟
فإن احتج محتج بما روى أبو سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين، إلى إبل الصدقة".
قيل له: لا دلالة في هذا الخبر على موضع الخلاف، وذلك لأن قوله: "خذ على قلاص الصدقة": لا يدل على أنه أمره بإثبات القلاص في الذمة، إذ لا يمتنع أن يكون مراده شراه بالدراهم، ليقبضها من إبل الصدقة، بأن يبيعها، فيقضي من ثمنها.
وقوله: "كان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة": إنما هو حكاية فعل عبد الله بن عمرو، وليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره به، ولا علم به، فأقره عليه.
وأيضا: لو ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره به، كان منسوخا بتحريم الربا، لما ذكرنا أن السلم في الحيوان من جنس الربا، وينهيه عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، ويكون خبر الحظر حينئذ أولى من خبر الإباحة.
وأيضا: فلا دلالة فيه على البيع، وجائز أن يكون كان قرضا على إبل