فأوجب استيفاء المماثلة في الموزون من جهة الوزن، وفي المكيل من جهة الكيل، فدل على كونهما علما لتحريم التفاضل أولى من غيرهما.

*ويدل على ما ذكرنا من وجهة النظر: أنا لما اعتبرنا علل القايسين على الحد الذي بينا، وجدنا لعلتنا تأثيرا في جواز البيع وفساده، ألا ترى أن وجود زيادة الكيل في الجنس يمنع جواز البيع، وعدمها يوجب جوازه، ولم نجد هذه المزية للقوت والادخار، ولا للأكل.

ألا ترى أن المأكولين قد يتفاضلان في كونهما مأكولين، ثم لا يؤثر ذلك في جواز البيع ولا فساده، وكذلك المقتاتان، فوجب بذلك أن يكون اعتبار الكيل والوزن في تحريم البيع عند وجود التفاضل أولى.

وإنما كان هذا الضرب من التأثير موجبا لترجيح الاعتلال، من قبل أن العلل هي المعاني التي تتعلق بها الأحكام، فما كان لها تأثير فيها، فهو أولى بالاعتبار.

فإن قيل: قد يتعلق الحكم بالأكل أيضا، بدلالة أنه لو اشترى حنطة، فوجدها عفنة فاسدة، كان له الخيار في الرد، لأجل نقصانها في باب الأكل عما اقتضاه العقد.

قيل له: لم يتعلق هذا الحكم بالأكل، وإنما تعلق بنقصان قيمتها عما أوجبه له العقد، وإنما هو خيار العيب، وذلك حكم به جاز في سائر المبيعات، مأكولا كان أو غير مأكول، ألا ترى أن الثياب والعبيد، وسائر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015