يجوز أن يريد بها فرقة الأبدان، ويجوز أن يريد فرقة الأقوال.
فمتى أراد فرقة الأبدان: كان معناه أن كل واحد من المتعاقدين إذا قال لصاحبه: قد بعتك هذا العبد: فله قبوله في المجلس ما لم يفارقه، ولهذا الرجوع فيه قبل قبول الآخر، فإن افترقا قبل القبول، وتمام البيع، لم يكن له القبول، وانفسخ الإيجاب، وأفادنا بذلك أن هذا الخيار مقصور على المجلس دون غيره.
وأما فرقة القول: فهي أنه إذا قال له: قد بعتك هذا العبد: فله الرجوع فيه قبل قبول الآخر، فإن قبله الآخر، فقد فارقه بالقول، فلا خيار له بعد ذلك.
وأفاد به الفرق بين البيع، وبين العتق على مال، والخلع؛ لأنه لو قال لعبده: أنت حر على ألف درهم: كان للعبد القبول في المجلس، وليس للمولى الرجوع فيه قبل قبول العبد.
وقد يجوز أن يسمى ذلك فرقة وإن لم يفترقا من المجلس، كما قال الله تعالى:} وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة {، وعلوم أنه لم يرد تفرق الأبدان.
ويقول القائل: اجتمع القوم على كذا، وافترقوا على كذا: وهم حضور في المجلس.
ويدل على صحة تأويلنا: حديث ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق