فلو وجب الخيار لم يملك واحد منهما على صاحبه بالعقد، وافتراقهما قبل تمام الملك يبطل الصرف، فلا يجوز أن يكون السبب الذي يبطل به العقد قبل تمامه، هو الذي يصححه قبل تمامه.
[الجواب عن أدلة القائلين بوجوب خيار المجلس]
وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا".
فإنه رواه ابن عباس، وحكيم بن حزام، وابن عمر، وأنس، وسمرة، وعبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظ مختلفة، ليس في شيء منها ما يدل على خلاف قولنا، بل فيها ما يدل على صحة مذهبنا.
وذلك لأن قوله: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا": إذا حمل على حقيقته يتناول حال العقد قبل وقوعه وتمامه؛ لأن هذا الاسم إنما يستحقه فاعله في حال الفعل، كما يقال: المتقابلان، والمتضاربان: يتناول ذلك حال فعلهما، ومتى انقضت حال الفعل، لم يسميا بذلك إلا مجازا.
ويدل على ذلك: أنهما لو تفاسخا العقد بعد صحته، كانا متفاسخين على الحقيقة، ولا جائز أن يكونا متبايعين متفاسخين في حال واحدة على الحقيقة، فدل ذلك على أن انقضاء حال البيع يخرجهما من أن يكونا متبايعين على الحقيقة، وإنما يقال: إنهما كانا متبايعين.
ويصح أن يقال: هما متبايعان إذا دخلا في سوم البيع، كما روي عن