بالنذر، فدل أن لزومه بالنذر لأجل ما تضمنه من الصوم الذي له أصل في الفرض.
فإن قيل: فلو نذر عمرة لزمته، وليس لها أصل في الفرض عندكم؟
قيل له: العمرة هي الإحرام والطواف والسعي، ولها أصل في الفرض، وهو إحرام الحج وطوافه وسعيه.
فغن قيل: لما صح بالليل مع عدم الصوم، دل على أنه ليس من شرطه الصوم.
قيل له: إنما يصح بالليل تبعًا للنهار، كما يصح مع خروجه من المسجد لحاجة الإنسان، ولم يدل ذلك على أنه ليس من شرطه اللبث في المسجد، وكما يكون بمنى قربة بالليل لأجل الرمي المفعول نهارًا.
فإن قيل: لو كان من شرطه الصوم لما صح في شهر رمضان؛ لأن صوم يوم واحد لا ينوب عن نفسه وعن غيره.
قيل له: لم نقل إنه يوجب الصوم، وإنما قلنا من شرطه الصوم، كما نقول: من شرط دخول مكة أن لا يدخلها إلا محرمًا، ولو دخلها محرمًا بحجة الإسلام: لم يلزمه للدخول إحرام آخر.
وكما نقول: لا يصلي إلا بطهارة، وإلا بستر العورة، ولا نقول: إن الصلاة توجب طهارة ولا سترًا، ألا ترى أنه لو توضأ لنافلة قبل دخول الوقت: لم تلزمه بدخول الوقت طهارة للصلاة، كذلك الصوم في الاعتكاف.