وأنتم عاكفون في المساجد}، والاعتكاف لفظ مجمل مفتقر إلى البيان؛ لأنه وإن كان في اللغة موضوعًا للبث، فقد وضع في الشرع لمعان أخر مع اللبث، لا يتناولها الاسم في اللغة.
ألا ترى أنه ليس كل لابث في المسجد معتكفًا، كما لو لزم رجل لماله غريمًا له في المسجد، أو حبسه رجل فيه، لم يكن معتكفًا.
وإذا كان كذلك افتقر إلى البيان، ووجدنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف إلا صائمًا، فوجب أن يكون الصوم من شرطه؛ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا ورد على وجه البيان، فهو على الوجوب.
ومن جهة السنة: ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم النيسابوري قال: حدثنا محمد بن سنان البصري القزاز أبو الحسن ببغداد قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد قال: حدثنا عبد الله بن بديل قال: حدثني عمرو بن دينار عن ابن عمر "عن عمر رضي الله عنهما أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الجعرانة: يا رسول الله! إن علي يومًا أعتكفه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فاعتكف، وصم".
فأمره بالصوم في الاعتكاف على الوجوب، فثبت أن من شرطه الصوم.
فإن قيل: قد روي أن عمر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه