حديث: (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء)

أما من السنة فأحاديث كثيرة منها: أولاً: الأحاديث التي جاء فيها التصريح: الحديث الصحيح: (لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم جاء رجل غائر العينين، فقال: يا محمد! اعدل.

فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق) فهذا حديث فيه دلالة على أن من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يكفر بذلك وحده القتل.

ووجه الدلالة: أن هذا كفر، فهو لمز لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقوله: (اعدل يا محمد) معناه: لست عادلاً، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ويحك).

وفي رواية قال: (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟!).

وفي رواية قال: (ويحك ومن يعدل إن لم أعدل أنا؟).

وأيضاً في رواية ثالثة ستأتي أنه قال: (إذاً: لم يعدل أحد) أي: فإن لم يعدل رسول الله فمن يعدل بعده؟ لن يعدل أحد، فهذا غمز لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الغمز يدل على كفره ونفاقه بدليل قول عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فأين وجه الدلالة؟ وجه الدلالة: أنه لما قال عمر: (يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه).

وفي الرواية الأخرى: لما قام خالد وقال: (دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: لعله يصلي، قال: إنه يفعل ذلك رياءً؛ فقال: ما أمرنا أن نشق عن قلوب الناس) لكن الدلالة الواضحة عندنا في هذا الحديث: أن عمر لما قال: دعني أضرب عنق هذا المنافق أقره النبي ولم ينكر عليه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرض بقتله لعلة أخرى، وهذه العلة ستكون بإذن الله في شرح الكلام على أن من سب الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته هل يمكن أن يعفى عنه بعد التوبة أم لا؟ وهل يقتل أم لا يقتل؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه وله أن يعفو عنه؛ لأن هذا حق للرسول فعفا عنه وأسقط حقه، وهذه لا تكون أبداً إلا في حياة النبي، ائتونا بشخص يخلف النبي ويقول لنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عمن سبه صلى الله عليه وسلم؟! لن تجده بحال من الأحوال، فالعفو في حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم يكون من النبي صلى الله عليه وسلم.

فقال: لا.

لمصلحة أعظم من قتله، وهي عدم تنفير الناس من الدخول في الإسلام أفواجاً، ولذلك قال: (لا، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015