كذلك من الآيات أيضاً: أن الله بين أن من يؤذي رسول الله فهو من المنافقين، والنفاق دلالة على الكفر في القلب أو الكفر في الباطن، فالذي يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم كافر ظاهراً وباطناً، فمن هذه الآيات قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة:58]، فكان الكلام والحديث في السياق سباقاً ولحاقاً عن المنافقين وكأن الله يقول: سأجري لك من صفات المنافقين: أنهم يلمزونك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منهاإذا هم يسخطون، فيسخطون ويتكلمون عليك في غيبتك؛ لأنك لم تعطهم؛ ولأنهم من المنافقين، فالسياق في هذه الآيات في قول الله تعالى: ((وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ)) هو في المنافقين، واللمز معناه: الطعن، كأنهم يقولون: إنه يقبض يده، ويبخل علينا، فهم يطعنون في رسول الله، فيلمزك بالصدقات أي: يطعن فيك، فالطعن هذا من صفات المنافقين، والمنافق نفاقاً اعتقادياً كافر كفراً يخرج من الملة.
كذلك التحاكم إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم من النفاق، ومن الممكن أن نستدل على هذا بالآية التي صدرنا بما الباب وهي: قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا} [النساء:60]، فهؤلاء الذين يتحاكمون إلى الطاغوت إذا قلت لهم: تعالوا إلى رسول الله أعرضوا، كما بين الله في السورة الأخرى، ففيها دلالة على: أن النفاق الذي في القلب يكون كفراً مخرجاً من الملة.
يقول الله تعالى في المنافقين: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب:61] فهذه آية صريحة جداً في أن المنافق الذي يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يلمز أو يغمز رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كافر؛ لأن الله بين أنهم في نار جهنم خالدين فيها، وحده القتل لقول الله تعالى: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} فحدهم القتل.
فهذه أقسام ثلاثة من الآيات -بإيجاز- التي تثبت أن المسلم الذي يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفر بذلك، وتعتبر ردة، وحده القتل.