. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْفِقْهِ عِنْدَهُمْ، وَإِنِ احْتَجُّوا بِأَنَّ غَيْرَ الْفَقِيهِ مَظِنَّةُ سُوءِ الْفَهْمِ، وَوَضْعِ النُّصُوصِ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ مِنْهَا؛ فَالِاحْتِيَاطُ لِلْأَحْكَامِ أَنْ لَا يُرْوَى عَنْهُ.
وَلَنَا مَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ؛ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهَذَا نَصٌّ فِي قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ.
وَمُبَلَّغٌ: بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ الَّذِي يَبْلُغُهُ الْحَدِيثُ عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْفَهْمِ. وَصَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْفِقْهَ، وَلَا فَرَّقَ بَيْنَ الْفَقِيهِ وَغَيْرِهِ.