الثَّالِثَةُ: فِي الْقُرْآنِ الْمَجَازُ، خِلَافًا لِقَوْمٍ. لَنَا: الْوُقُوعُ نَحْوُ {جَنَاحَ الذُّلِّ} ، وَ {نَارًا لِلْحَرْبِ} ، وَ {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} ، وَهُوَ كَثِيرٌ، قَالُوا: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُتَجَوِّزًا. وَأُجِيبَ: بِالْتِزَامِهِ، وَبِالْفَرْقِ بِأَنَّ مَثَلَهُ تَوْقِيفِيٌّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمَسْأَلَةُ «الثَّالِثَةُ» مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَهُوَ أَنَّ «فِي الْقُرْآنِ الْمَجَازَ» ، أَيْ: هُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، «خِلَافًا لِقَوْمٍ» ، وَهُمُ الظَّاهِرِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ ; فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا جَوَازَ وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ. «لَنَا: الْوُقُوعُ» ، إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: لَنَا أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْمَجَازُ فِي الْقُرْآنِ، وَالْوُقُوعُ يَسْتَلْزِمُ الْجَوَازَ ; فَمَنْ نَازَعَ فِي الْجَوَازِ ; فَالْوُقُوعُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ، وَمَنْ نَازَعَ فِي الْوُقُوعِ ; فَهُوَ يَدُلُّ بِنَفْسِهِ.
وَبَيَانُ وُقُوعِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الْإِسْرَاءِ: 24] ، وَالْجَنَاحُ حَقِيقَةٌ لِلطَّائِرِ مِنَ الْأَجْسَامِ، وَالْمَعَانِي وَالْجَمَادَاتِ لَا تُوصَفُ بِهِ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [الْمَائِدَةِ: 64] ، وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إِثَارَةِ أَسْبَابِ الْحَرْبِ، أَوْ عَنْ نَفْسِ الْحَرْبِ، تَشْبِيهًا لَهَا بِالنَّارِ، بِجَامِعِ الْكُرَبِ فِيهِمَا، وَشَدَّةِ وَقْعِهِمَا عَلَى النُّفُوسِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: