. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إِنَّ السُّكُوتَ نَقَصٌ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ; لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي الشَّاهِدِ، لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ عَجْزٍ أَوْ صَمْتٍ، وَالْعَجْزُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُحَالٌ، وَالصَّمْتُ إِنَّمَا يَحْسُنُ عَنِ الْكَلَامِ الْقَبِيحِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَقْبُحُ مِنْهُ قَوْلٌ وَلَا فِعْلٌ، بَلْ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: إِجْمَاعُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ قَدِيمٌ، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي قِيَامَ قَاطِعٍ مِنْ نَصٍّ أَوْ غَيْرِهِ، يَكُونُ مُسْتَنِدًا لِلْإِجْمَاعِ، أَوْ نَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الْقَوْلُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ. فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ وَعِلْمِهِمْ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ أَوْ قَدِيمٌ، أَوْ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، لَزِمَ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى كِتْمَانِ عِلْمٍ فِيهِ تَبْرِئَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى زَعْمِهِمْ، وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ، وَالْأُمَّةُ لَا تَجْتَمِعُ فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدِهِمْ فِيهِ، بِحَيْثُ لَمْ يَتَّجِهْ لَهُمُ الْجَزْمُ فِيهِ بِقَوْلٍ ; فَمِنَ الْمُحَالِ عَادَةً أَنْ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَتَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الدِّينِ، وَيَنْكَشِفَ لَكُمْ. وَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُمْ عَنِ الْقَوْلِ بِخَلْقِهِ لِاعْتِقَادِهِمْ قِدَمَهُ ; فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلَيْسَ لِلْخَصْمِ أَنْ يُعَارِضَ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بِمِثْلِهِ ; لِأَنَّ السَّلَفَ مَازَالُوا شَدِيدَيْنِ عَلَى مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، تَكْفِيرًا، وَتَبْدِيعًا، وَلَعْنًا، وَسَبًّا، حَتَّى ظَهَرَتِ الْبِدْعَةُ بِالْقَوْلِ بِخَلْقِهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: مَا اشْتُهِرَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ لَمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ تَحْكِيمُ الرِّجَالِ فِي دِينِ اللَّهِ قَالَ: «مَا حَكَّمْتُ مَخْلُوقًا وَإِنَّمَا حَكَّمْتُ الْقُرْآنَ» وَمَا رَوَى