. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْلُهُ: «وَتَعْرِيفُهُ» أَيْ: تَعْرِيفُ الْكِتَابِ وَالْقُرْآنِ «بِمَا نُقِلَ إِلَيْنَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، دَوْرِيٌّ» أَيْ: هَذَا التَّعْرِيفُ يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ.

قُلْتُ: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ لَمْ يُسَمِّهُمُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ هُمْ، فَإِنْ كَانَ هَذَا النَّقْلُ صَحِيحًا ; فَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ: إِمَّا مُخْطِئُونَ، أَوِ النِّزَاعُ مَعَهُمْ لَفْظِيٌّ.

أَمَّا وَجْهُ خَطَئِهِمْ: فَهُوَ أَنْ يَكُونُوا نَظَرُوا إِلَى تَغَايُرِ لَفْظِ الْقُرْآنِ وَالْكِتَابِ ; فَحَكَمُوا بِالتَّغَايُرِ، وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ، وَأَمَّا وَجْهُ كَوْنِ نِزَاعِهِمْ لَفْظِيًّا ; فَهُوَ أَنْ يَكُونُوا خَصُّوا كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ، عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ، وَخَصُّوا الْقُرْآنَ بِهَذِهِ الْعَبَّارَاتِ الْمَتْلُوَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعْنَى النَّفْسِيِّ عِنْدَهُمْ، وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ النِّزَاعُ إِلَى إِثْبَاتِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ، وَتَخْرُجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَنِ التَّنَازُعِ فِيهَا.

قَوْلُهُ «وَرُدَّ» ، أَيْ وَرُدَّ قَوْلُ هَؤُلَاءِ: إِنَّ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ الْقُرْآنِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا:

حِكَايَةُ قَوْلِ الْجِنِّ فِي سُورَةِ الْجِنِّ: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الْجِنِّ: 1] ، وَحِكَايَةُ قَوْلِهِمْ فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ حَيْثُ قَالُوا: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [الْأَحْقَافِ: 30] ، وَالَّذِي سَمِعُوهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَقَدْ سَمَّوْهُ كِتَابًا ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْقُرْآنُ.

وَيَرِدُ عَلَيْهِ احْتِمَالُ أَنَّهُمْ سَمَّوْهُ كِتَابًا لُغَةً ; لِجَمْعِهِ الْأَحْكَامَ وَغَيْرَهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ كِتَابَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إِلَّا أَنَّ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا، مُخَالِفٌ لِمُبَادَرَةِ الْأَفْهَامِ الصَّحِيحَةِ عِنْدَ سَمَاعِهَا الْكَلَامَ أَنَّ مُرَادَهُ كِتَابُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015