الْأُصُولُ الْأُصُولُ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَاسْتِصْحَابُ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ. وَمَصْدَرُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، إِذِ الْكِتَابُ قَوْلُهُ، وَالسُّنَّةُ بَيَانُهُ، وَالْإِجْمَاعُ دَالٌّ عَلَى النَّصِّ. وَمَدْرَكُهَا الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ لَا سَمَاعَ لَنَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا جِبْرِيلَ. وَاخْتُلِفَ فِي أُصُولٍ يَأْتِي ذِكْرُهَا.
وَكِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَلَامُهُ الْمُنْزَلُ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَتَعْرِيفُهُ بِمَا نُقِلَ بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، دَوْرِيٌّ.
وَقَالَ قَوْمٌ: الْكِتَابُ غَيْرُ الْقُرْآنِ. وَرُدَّ: بِحِكَايَةِ قَوْلِ الْجِنِّ: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا} ، {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا} وَالْمَسْمُوعُ وَاحِدٌ، وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى اتِّحَادِ مُسَمَّى اللَّفْظَيْنِ.
وَالْكَلَامُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيَّةِ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْحُرُوفِ الْمَسْمُوعَةِ وَالْمَعْنَى النَّفْسِيِّ، وَهُوَ نِسْبَةٌ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ، وَعِنْدَنَا لَا اشْتِرَاكَ، وَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَدِيمٌ، وَالْبَحْثُ فِيهِ كَلَامِيٌّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ «الْأُصُولُ» : قَدْ كُنَّا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ «الْمُخْتَصَرِ» أَنَّا نَتَكَلَّمُ عَلَى أُصُولِ الْفِقْهِ أَصْلًا أَصْلًا، بَعْدَ ذِكْرِ مُقْدِمَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ، وَقَدِ انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ بِفُصُولِهَا الْأَرْبَعَةِ ; فَوَجَبَ الْكَلَامُ عَلَى الْأُصُولِ كَمَا وَعَدْنَا.
قَوْلُهُ «الْكِتَابُ» : أَيِ الْأُصُولُ هِيَ: الْكِتَابُ «وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَاسْتِصْحَابُ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ» . وَتَحْقِيقُ مَفْهُومَاتِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَاللَّامُ فِي الْأُصُولِ لِلْعَهْدِ ; لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ ذِكْرُهَا مُنَكَّرَةً فِي قَوْلِنَا فِي أَوَّلِ «الْمُخْتَصَرِ» : فَلْنَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَصْلًا. أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: الْأُصُولُ الَّتِي وَعَدْنَا بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا هِيَ هَذِهِ. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأُصُولَ هِيَ الْأَدِلَّةُ، وَأُصُولُ الْفِقْهِ أَدِلَّتُهُ