. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

النَّاسِ - الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ - أَنَّهُمْ يَهْتَمُّونَ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْأَهَمُّ، فَيُضَمِّنُونَهُ كَلَامَهُمْ، وَيُرِيدُونَهُ مِنْهُ، كَرَمَضَانَ مِنْ عُمُومِ الصِّيَامِ، وَالْحُرَّةِ مِنْ عُمُومِ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ» . أَمَّا إِرَادَةُ الْأُمُورِ الْعَارِضَةِ، وَقَصْرُ الْكَلَامِ عَلَى إِرَادَتِهَا دُونَ الْأُمُورِ الْأَصْلِيَّةِ، فَهُوَ مِمَّا تَأْبَاهُ الْأَفْهَامُ، وَلَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي الْكَلَامِ.

هَذَا تَقْرِيرُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِنَا: وَقَدْ قِيلَ.

قَوْلُهُ: «وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِثْلَهَا فِي النُّدْرَةِ وَالْقِلَّةِ» .

أَيِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْقَضَاءَ وَالنَّذْرَ، اللَّذَيْنِ قَصَرَ عَلَيْهِمَا حَدِيثُ: لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ لَيْسَا فِي النُّدْرَةِ وَالْقِلَّةِ، كَالْمُكَاتَبَةِ الَّتِي قَصَرَ عَلَيْهَا حَدِيثُ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا لِأَنَّ الْعُمُومَ هُنَاكَ أَقْوَى مِنَ الْعُمُومِ هُنَا، وَالْمُكَاتَبَةَ هُنَاكَ أَقَلُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُمُومِ مِنَ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ هُنَا.

أَمَّا أَنَّ الْعُمُومَ هُنَاكَ أَقْوَى، فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ فِي قُوَّتِهِ وَتَأَكُّدِهِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ.

وَأَمَّا صِيغَةُ «لَا صِيَامَ» وَنَحْوَهَا، فَالْخِلَافُ فِيهَا مَشْهُورٌ مُتَّجِهٌ، لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ نَفْيَ كَمَالِ الصَّوْمِ لَا صِحَّتَهُ، وَبِتَقْدِيرِ نَفْيِ صِحَّتِهِ، فَأَصْنَافُ الصَّوْمِ خَمْسَةٌ، قَدْ قَصَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا: وَهِيَ صَوْمُ الْقَضَاءِ، وَالنَّذْرِ، وَالْكَفَّارَاتِ. وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا التَّطَوُّعُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015