. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ، وَكَانَ مَا فَعَلُوهُ مِنَ الْحَذْفِ وَالتَّعْوِيضِ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِلَفْظِ اسْمِ اللَّهِ تَبَرُّكًا وَتَعْظِيمًا.

وَالثَّانِي: طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ بِتَصْيِيرِ اللَّفْظَيْنِ لَفْظًا وَاحِدًا، كَمَا قَالُوا: أَيْشٍ هَذَا، وَأَصْلُهُ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا فِي نَظَائِرَ لَهُ كَثِيرَةٍ.

أَمَّا وَاجِبُ الْوُجُودِ: فَالْوَاجِبُ هُوَ الْمُسْتَقِرُّ الثَّابِتُ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ عِنْدَ ذِكْرِ أَقْسَامِ الْأَحْكَامِ.

وَالْوُجُودُ: هُوَ الْإِثْبَاتُ الصِّرْفُ، كَمَا أَنَّ نَقِيضَهُ - وَهُوَ الْعَدَمُ - النَّفْيُ الصِّرْفُ، وَلِذَلِكَ ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَنَّ الْوُجُودَ فِي الْمَعْلُومَاتِ بَدِيهَةٌ، فَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ التَّعْرِيفِ.

إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَقَوْلُهُمْ: وَاجِبُ الْوُجُودِ عِبَارَةٌ أَحْدَثَهَا الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَهِيَ لَا تُعْرَفُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ وَلَا فِي كَلَامِ السَّلَفِ فِيمَا عَلِمْنَا، لَكِنَّ مَعْنَاهُ ثَابِتٌ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ، مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مَعْنَى وَاجِبِ الْوُجُودِ عِنْدَ أَهْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، هُوَ الْمَوْجُودُ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ وُجُودَهُ عَدَمٌ، وَوُجُودُهُ مِنْ ذَاتِهِ لِذَاتِهِ، لَا مِنْ سَبَبٍ خَارِجٍ، وَلَا لِعِلَّةِ خَارِجَةٍ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الْحَدِيدِ: 3] ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015