. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِيمَا سَبَقَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالتَّجَوُّزِ.
قَوْلُهُ: «وَهِيَ» يَعْنِي الْعِلَاقَةَ، هِيَ مَا يَنْتَقِلُ الذِّهْنُ بِوَاسِطَتِهِ عَنْ مَحَلِّ الْمَجَازِ إِلَى الْحَقِيقَةِ، وَذَلِكَ كَالشَّجَاعَةِ الَّتِي يَنْتَقِلُ الذِّهْنُ بِوَاسِطَتِهَا عَنِ الرَّجُلِ الشُّجَاعِ إِذَا أَطْلَقْنَا عَلَيْهِ لَفْظَ أَسَدٍ إِلَى السَّبُعِ الْمُفْتَرِسِ، إِذْ لَوْلَا هَذِهِ الْعِلَاقَةُ، وَهِيَ صِفَةُ الشَّجَاعَةِ، لَمَا صَحَّ التَّجَوُّزُ، وَلَمَا انْتَقَلَ الذِّهْنُ إِلَى السَّبُعِ الْمُفْتَرِسِ عِنْدَ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَسَدِ عَلَى الرَّجُلِ الشُّجَاعِ، وَلَكَانَ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْأَسَدِ عَلَيْهِ عِلْمِيَّةً ارْتِجَالًا، وَكَذَلِكَ وَصْفُ الْبَلَادَةِ فِي قَوْلِنَا لِلْبَلِيدِ: حِمَارٌ، وَالْكَثْرَةِ فِي قَوْلِنَا لِلْعَالَمِ وَالْجَوَادِ: بَحْرٌ، وَالطُّولِ فِي قَوْلِنَا لِلطَّوِيلِ: نَخْلَةٌ.
وَالْعِلَاقَةُ هَاهُنَا بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَا تَعَلَّقَ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ، نَحْوَ عِلَاقَةِ السَّوْطِ وَالْقَوْسِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَلِكَ عِلَاقَةُ الْمَجَازِ تَعَلُّقُهُ بِمَحَلِّ الْحَقِيقَةِ؟ وَتَعْلِيقُهَا بِهِ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ انْتِقَالِ الذِّهْنِ بِوَاسِطَتِهَا عَنْ مَحَلِّ الْمَجَازِ إِلَى الْحَقِيقَةِ.
أَمَّا الْعَلَاقَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، فَهِيَ عَلَاقَةُ الْخُصُومَةِ وَالْحُبِّ، وَهِيَ تَعَلُّقُ الْخَصْمِ بِخَصْمِهِ، وَالْمُحِبِّ بِمَحْبُوبِهِ.
قَوْلُهُ: «وَيُعْتَبَرُ ظُهُورُهَا» ، إِلَى آخِرِهِ.
أَيْ: وَيُعْتَبَرُ ظُهُورُ عِلَاقَةِ الْمَجَازِ، أَيْ: أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةً، يُسْرِعُ الْفَهْمُ إِلَيْهَا عِنْدَ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْمَجَازِ، حِرْصًا عَلَى سُرْعَةِ التَّفَاهُمِ، وَحَذَرًا مِنْ إِبْطَائِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ عَكْسُ