قَالُوا: الْعَرَبُ لَمْ تَضَعْهَا فَلَيْسَتْ عَرَبِيَّةً، فَلَا يَكُونُ الْقُرْآنُ عَرَبِيًّا.
قُلْنَا: عَرَبِيَّةٌ بِوَضْعِ الشَّارِعِ لَهَا مَجَازًا، وَإِنْ سُلِّمَ، فَلَا يَخْرُجُ الْقُرْآنُ عَنْ كَوْنِهِ عَرَبِيًّا بِأَلْفَاظٍ يَسِيرَةٍ مِنْ غَيْرِهِ.
قَالُوا: لَوْ فَعَلَ، لَعَرَّفَ الْأُمَّةَ بِطَرِيقٍ عِلْمِيٍّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: «قَالُوا: الْعَرَبُ لَمْ تَضَعْهَا» ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا دَلِيلُ الْخَصْمِ عَلَى نَفْيِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَتَقْرِيرُهُ: لَوْ ثَبَتَتِ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ لَمْ تَكُنْ عَرَبِيَّةً، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعْهَا، وَكُلُّ مَا لَمْ تَضَعْهُ الْعَرَبُ، فَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، فَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ لَوْ ثَبَتَتْ لَمْ تَكُنْ عَرَبِيَّةً، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَرَبِيَّةً لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ عَرَبِيًّا، لَكِنَّ الْقُرْآنَ عَرَبِيٌّ، فَهَذِهِ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ عَرَبِيَّةٌ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ، فَلِأَنَّ أَسْمَاءَ هَذِهِ الْحَقَائِقِ، كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ، فَهِيَ بَعْضُهُ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَرَبِيَّةً، لَكَانَ بَعْضُ الْقُرْآنِ غَيْرَ عَرَبِيٍّ، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْقُرْآنِ غَيْرَ عَرَبِيٍّ، لَمْ يَكُنْ جَمِيعُهُ عَرَبِيًّا.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ اللَّازِمِ، وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ عَرَبِيٌّ، فَبِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى مَلْزُومُهُ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْحَقَائِقَ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ، فَتَكُونُ عَرَبِيَّةً وَالْعَرَبِيُّ مَا وَضَعَتْهُ الْعَرَبُ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْحَقَائِقُ مِنْ مَوْضُوعَاتِ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ يَنْفِي كَوْنَهَا مِنْ مَوْضُوعَاتِ الشَّرْعِ وَضْعًا اسْتِقْلَالِيًّا، فَثَبَتَ أَنَّهُ أَبْقَاهَا عَلَى مَوْضُوعَاتِهَا فِي الْأَصْلِ، وَزَادَهَا شُرُوطًا شَرْعِيَّةً، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا عَرَبِيَّةٌ» ، إِلَى آخِرِهِ.
وَتَقْرِيرُ هَذَا الْجَوَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ: