. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْعَذِرَةُ: فِنَاءُ الدَّارِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَذِرَةَ كَانَتْ تُلْقَى فِي الْأَفْنِيَةِ، وَهَذَا قَاطِعٌ فِي أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ الْعَذِرَةِ لِلْخَارِجِ الْمُسْتَقْذَرِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ فِنَاءُ الدَّارِ لِلْمُجَاوَرَةِ.
وَأَمَّا أَنَّ هَذَا الْعُرْفِيَّ حَقِيقَةٌ فِيمَا خُصَّ بِهِ عُرْفًا، فَلِأَنَّ حَدَّ الْحَقِيقَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ. إِذْ حَدُّ الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا وَضْعًا مَا.
وَلَا شَكَّ أَنَّ اسْتِعْمَالَ لَفْظِ الْغَائِطِ فِي الْعَذِرَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَلَفْظِ الرَّاوِيَةِ فِي الْمَزَادَةِ، وَلَفْظِ الْعَذِرَةِ فِي الْغَائِطِ الْمَشْهُورِ هُوَ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي عُرْفِ اللُّغَةِ، فَاشْتَهَرَ فِيهِ، فَصَارَ حَقِيقَةً فِيهِ لِاشْتِهَارِهِ.
تَنْبِيهٌ: التَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَكَانِ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ، وَهُوَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ لُغَوِيَّةٌ وَشَرْعِيَّةٌ، وَاللُّغَوِيَّةُ وَضْعِيَّةٌ وَعُرْفِيَّةٌ.
فَاللُّغَوِيَّةُ الْوَضْعِيَّةُ: هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي اللُّغَةِ، كَالْإِنْسَانِ لِلْحَيَوَانِ النَّاطِقِ.
وَاللُّغَوِيَّةُ الْعُرْفِيَّةُ: هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ بِعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيِّ، كَالدَّابَّةِ لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالْغَائِطِ وَالْعَذِرَةِ فِي الْخَارِجِ الْمُسْتَقْذَرِ.
وَالْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ: هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي الشَّرْعِ، كَاسْمِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِلْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ.
وَقَوْلُنَا: اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي الِاصْطِلَاحِ الَّذِي بِهِ التَّخَاطُبُ يَعُمُّ الْحَقِيقَةَ بِهَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ.
وَبَعْضُهُمْ قَسَمَ الْحَقِيقَةَ إِلَى لُغَوِيَّةٍ، وَشَرْعِيَّةٍ، وَعُرْفِيَّةٍ عَامَّةٍ، كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الدَّابَّةِ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَعُرْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ، كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْجَوْهَرِ فِي الْمُتَحَيِّزِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ.