الْفَصْلُ الرَّابِعُ
فِي اللُّغَاتِ
وَهِيَ جَمْعُ لُغَةٍ، وَهِيَ: الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمَعَانِي النَّفْسِيَّةِ، وَاخْتِلَافِهَا لِاخْتِلَافِ أَمْزِجَةِ الْأَلْسِنَةِ، لِاخْتِلَافِ الْأَهْوِيَةِ وَطَبَائِعِ الْأَمْكِنَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
«الْفَصْلُ الرَّابِعُ»
يَعْنِي مِنْ فُصُولِ الْمُقَدِّمَةِ «فِي اللُّغَاتِ، وَهِيَ - يَعْنِي اللُّغَاتِ - جَمْعُ لُغَةٍ» . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اللُّغَةُ أَصْلُهَا: لُغْيٌ أَوْ لُغْوٌ.
قُلْتُ: أَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ أَوِ الْوَاوِ، فَهُوَ مُتَّجِهٌ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا كَوْنُهَا عَلَى مِثَالِ فُعْلٍ - بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ بِدُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ - فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ أَصْلَهَا لُغْيَةٌ، كَدُمْيَةٍ، أَوْ لُغْوَةٌ، كَعُرْوَةَ، وَجَمْعُهَا لُغًى، مِثْلُ بُرَةٍ وَيُرَى وَلُغَاتٌ مِثْلُ: ثُبَةٍ وَثُبَاتٍ، وَكُرَةٍ وَكُرَاتٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي اللُّغَاتِ هُوَ كَالْمَدْخَلِ إِلَى أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَحَدُ مُفْرَدَاتِ مَادَّتِهِ، وَهِيَ الْكَلَامُ وَالْعَرَبِيَّةُ وَتَصَوُّرُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
فَأُصُولُ الْفِقْهِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ لِوُرُودِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِهِمَا، اللَّذَيْنِ هُمَا أُصُولُ الْفِقْهِ وَأَدِلَّتُهُ، فَمَنْ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِخْرَاجُ الْأَحْكَامِ مِنَ الْكِتَابِ